وسائل إثبات وبطلان التبليغ
بقلم ذ رشيد القضاوي
تعتبر شهادة التسليم الوثيقة الأساسية لإثبات التبليغ باعتبارها تحمل توقيع المبلغ إليه ، وقد درج
المجلس الأعلى على اعتبار شهادة التسليم المرجع الأساسي لإثبات التبليغ مقررا أن
ما يعتد به لإثبات التبليغات القضائية في حالة النزاع هي شهادة التسليم المنصوص
عليها في الفصل 39 ق.م.م ، ولا يمكن تعويضها بأية وثيقة أخرى حتى ولو كانت شهادة
رسمية موقعة من طرف رئيس كتابة الضبط تتبث واقعة التسليم.]1[
وتعتبر شهادة التسليم بذلك ورقة رسمية ولها حجية ثبوتية
لا يجوز إثبات عكسها إلا عن طريق الطعن فيها بالزور ، وهذه الحجية تكون فقط لما
يقوم به عون التبليغ كأن يكون هناك كشط أو محو أو حشو ، أما التصريحات التي
يتلقاها أثناء التبليغ فهي تبقى على مسؤولية صاحبها ، فإذا وجد عون التبليغ شخصا
ادعى أنه هو المعني بالأمر أو أنه ذا صفة في تسلم التبليغ فإن العون يكتفي بتسجيل
تلك التصريحات على مسؤولية صاحبها ولا يلزم في هذه الحالة الطعن بالزور لاثبات عكس
تلك التصريحات ، بل يمكن إثبات عكسها بجميع وسائل الإثبات وذلك بالطعن ببطلان
التبليغ.
ولم يضع المشرع قواعد خاصة لهذه المسطرة ، بل تخضع
للقواعد العامة التي نص عليها الفصل 49 ق.م.م ]2[ ، وقد كرس المجلس الأعلى هذا التوجه بإعماله لقاعدة (
لابطلان بدون ضرر ) في العديد من قراراته وسار في اتجاه أن بطلان التبليغ ليس من
النظام العام وبالتالي لا يمكن للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها بل لابد من إثارته
ممن له المصلحة في ذلك وقبل كل دفاع في الجوهر.
وبالنسبة للطريقة المعتمدة للطعن في التبليغ فإن المشرع
المغربي لا يمنع تقديم دعوى أصلية لإبطال التبليغ بخلاف المشرع الفرنسي الذي نص في
الفصل 460 ق.م.م على أنه لا يجوز طلب بطلان التبليغ إلا بمقتضى طرق الطعن المقررة
قانونا ، ونلاحظ بأن الاجتهاد القضائي المغربي يسير في نفس المنحى ، إذ أن أغلب
الاجتهادات الصادرة في الموضوع تسير في اتجاه رفض أو عدم قبول الدعوى الأصلية
لبطلان تبليغ الحكم ، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في مجموعة من القرارات الصادرة
في المادة المدنية كالقرار عدد 1556 الذي جاء فيه أنه عندما ينازع المستأنف في
تبليغ الحكم الابتدائي ، فإن محكمة الاستئناف هي التي لها صلاحية البت في هذا
الدفع على ضوء شهادة التسليم التي يقع الإدلاء بها أو يقع الرجوع بشأنها إلى ملف
التبليغ...
كما جاء ايضا قرار مجلس الاعلى عدد 610 لايعتبر التبليغ
الحكم صحيحا اذا لم يبين في شهادة التسليم اسم الشخص الذي تسلمه عملا بمقتضيات
الفصلين 38و39 من ق.م.م ،وتبعا لذكلك فان اعتماد المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه
بالنقض على شهادة تبليغ لم يبين فيها اسم من وقع له التبليغ يجعل القرار مخالفا
للقانون ويعرضه لللنقض.]3[
وجدير بالذكر أن بطلان التبليغ إذا كان ناتجا عن عدم
احترام الأجل الفاصل بين تاريخ التوصل بالاستدعاء وتاريخ الجلسة فإن المعني بالأمر
إذا حضر في الجلسة سقط حقه في التمسك بالبطلان ولا يبقى له سوى طلب مهلة لإعداد
الدفاع تحت طائلة بطلان حكم المحكمة إذا رفضت منحه تلك المهلة ، ويعتد بهذا الحضور
حتى ولو تعلق الأمر بقضايا المسطرة الكتابية وإن لم يدل بالمذكرة أو أي طلب فيسقط
حقه في التمسك ببطلان التبليغ.
أما إذا تم التبليغ لفاقد الأهلية أو ناقصها ، أو بلغ
الشخص المعنوي عن طريق شخص لا يعتبر ممثلا قانونيا له فإن الحضور في الجلسة لا
يزيل العيب اللاحق بالتبليغ ويمكن التمسك بالبطلان حتى ولو تم الحضور بالجلسة لأن
في ذلك خرق لقاعدة قانونية تم النص عليها صراحة في الفصل 516 ق.م.م.
وبالنسبة لتبليغ الأحكام والإنذارات التي تستوجب
المنازعة فيها تسجيل دعوى داخل أجل معين ، فإن حق التمسك بالبطلان يسقط إذا بادر
المعني بالأمر إلى الطعن في الحكم أو تقديم الدعوى داخل الأجل القانوني كما جاء في
قرار المجلس الأعلى عدد 3424 بتاريخ 14/04/99 ، "أنه لا مصلحة للطاعنة للتمسك
ببطلان حكم تم إليها في غير عنوانها مادامت قد مارست حقها في الطعن خلال الأجل
القانوني وبذلك لم يلحقها أي ضرر..."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 : قرار عدد 1556 بتاريخ
25/06/1986 2: الفصل 49 ق م م " إن حالات البطلان
والاخلالات الشكلية والمسطرية لا تقبلها المحكمة إلا إذا كانت مصالح الطرف قد
تضررت فعلا".
3:قرار عدد 610 المؤرخ في 2/3/2005 الملف المدني عدد 2887/1/7/2003
المصدر : المكتبة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق